بعد اشتعال العنف الطائفي بسبب موكب ديني في منطقة جاهانجيربوري في دلهي، زارت فينيت خير الصحفية في القسم الهندي في بي بي سي الحي المزدحم بالسكان لتعرف أسباب ما انتابهم من غضب وانعدام ثقة.
وكان قد أصيب نحو تسعة أفراد، بينهم سبعة من الشرطة، في أحداث عنف اندلعت السبت. كما أصيب أفراد الشرطة بعيار ناري.
كان الجو في الحي الفقير نسبيا، الذي يضم عددا كبيرا من السكان المسلمين الناطقين باللغة البنغالية، لا يزال متوترا بعد يومين من الحادث.
ويقول شهود عيان إن التوتر اندلع بعد أن سار مئات الأشخاص – ومن بينهم العديد من أعضاء المنظمات الهندوسية اليمينية – للاحتفال بالذكرى السنوية لميلاد الإله الهندوسي هانومان.
وتُظهر مقاطع الفيديو التي نشرت المشاركين وهم يرقصون ويرددون شعارات دينية، ويحمل كثيرون منهم السيوف والرماح الثلاثية الشعب.
ومرت المسيرة بمسجد، وهنا بدأت المشاكل. إذ ألقيت الحجارة، مما أدى إلى اندلاع العنف.
ويلوم كلا الجانبين الآخر.
ويقول المشاركون في المسيرة إنهم تعرضوا لهجوم منظم من قبل مسلمين رشقوهم بالحجارة وغيرها من الأشياء الحادة من فوق أسطح المنازل.
وينفي المسلمون ذلك، قائلين إن الهندوس رددوا هتافات استفزازية قرب المسجد مما أدى إلى احتدام جدال. ويدعون أن الحجر الأول جاء من الجانب الآخر.
واعتقلت شرطة دلهي 23 شخصا بينهم قاصران.
ولا يزال فرع الجريمة بالشرطة يحقق في كيفية بدء أحداث العنف، ويبحث في ادعاءات زعماء حزب بهاراتيا جاناتا المحليين بأن “المهاجرين غير الشرعيين من بنغلاديش” كانوا السبب وراء العنف.
وكانت أكبر مواجهات مماثلة في دلهي منذ أحداث الشغب في 2020 التي أودت بحياة أكثر من 50 شخصا معظمهم من المسلمين، هي ما اندلع مؤخرا في بعض الولايات الهندية الشمالية الأخرى، مثل ماديا براديش وراجستان.
وبدأ العنف هناك أيضا بعد مرور مواكب دينية للاحتفال بمهرجان رام نافامي بالقرب من بعض المساجد.
وبعد حادثة جهانجيربوري أصدر 13 حزبا معارضا بيانا مشتركا أعربت فيه عن صدمتها من صمت رئيس الوزراء ناريندرا مودي.
وقالت “هذا الصمت شهادة بليغة على أن هذه العصابات المسلحة الخاصة تتمتع برعاية الرسمية”.
وتصاعد الاستقطاب الديني في الهند منذ 2014 عندما وصلت حكومة مودي الهندوسية القومية إلى السلطة. وأصبحت المهرجانات، على وجه الخصوص، بؤر اشتعال متكررة للعنف الطائفي.
تفسيرات مختلفة
عندما زارت بي بي سي جهانجيربوري كان السكان ملتصقين بهواتفهم المحمولة والقنوات الإخبارية يشاهدون ويشاركون مقاطع الفيديو والتغطية الإخبارية.
وأصر بعضهم على أن هذه هي المرة الأولى التي يندلع فيها مثل هذا التوتر الديني في المنطقة. لكن العديد من الهندوس المحليين غضبوا قائلين إن موكبهم تعرض للهجوم دون أي استفزاز.
وكان سوكين ساركار، منظم مسيرة السبت، وسط مجموعة من الرجال جالسين مقابل معبد هانومان المحلي. وقال وهو يظهر كدمات في قدمه “كنا غير مسلحين ولسنا في حالة مزاجية للقتال. شعرنا وكأن وابلا من الحجارة وشظايا الزجاج أصابتنا”.
وقال غوريشانكار غوبتا الغاضب الذي كان من بين المشاركين في الموكب “الهجوم كان مدبرا. فقد حوصرنا وهوجمنا بالحجارة والسيوف والسكاكين”.
وادعى رجال أيضا أن الجناة استخدموا قنابل حارقة ومسدسات ونهبوا سيارة محملة بالحبوب.
وعلى بعد مئات الأمتار، بالقرب من المسجد، كان لدى المسلمين قصة أخرى مختلفة يروونها.
وقال محمد صلاح الدين، مدير المسجد، إن المسلمين لم يتفاعلوا إلا بعد أن ألقى المتظاهرون الحجارة وحاولوا اقتحام المسجد.
وأضاف: “عندما رأى أولادنا المسجد يتعرض للهجوم لم يستطيعوا تحمل ذلك”.
ونفى الادعاءات القائلة بإلقاء الحجارة من فوق سطح المسجد.
ومازال قادة حزب بهاراتيا جاناتا المحليون يدعون لسنوات أن جهانجيربوري بها نسبة كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين من بنغلاديش.
وينفي المسلمون ذلك قائلين إنهم مهاجرون من ولاية البنغال الغربية وأوتار براديش وبيهار. وإن معظمهم عمال أو بائعو خردة نظير أجور زهيدة.
وقال أحد السكان، و يدعى سازدا “يمكنك التحقق من وثائقنا”، وأعرب عن أسفه لمعاملة المسلمين بوصفهم مجرمين بسبب التغطية الإعلامية المنحرفة.