التّصعيد في فلسطين… لكنّ العين الإسرائيلية على حزب الله

رغم انشغال العدو الإسرائيلي في التوترات الأمنية في فلسطين المحتلة، وخصوصاً في مدينة القدس والمسجد الأقصى، والتي تأجّجت بسبب اقتحامات تنظيمات «الهيكل» الاستيطانية للحرم القدسيّ، تتابع الأوساط العسكرية والأمنية والسياسية الإسرائيلية ما يجري في لبنان، مترقّبةً الاستحقاق الانتخابي الذي لن يغيّر النتائج على أرض الواقع.
وفي الإطار، ذكر المحلّل العسكري لصحيفة «إسرائيل اليوم»، يوآف ليمور، أنّ الجيش الإسرائيلي «قلق بالأساس من احتمال تشابك الجبهات مع بعضها البعض مثلما حدث في أيار من العام الماضي بصورة مصغّرة»؛ إذ إنّ العِبر المستقاة من العدوان الأخير على قطاع غزة هي «عدم فصل الجبهات عن بعضها البعض، أو التعامل معها كقضايا منفصلة». ورأى ليمور أنّه انطلاقاً من ذلك، فإن «غزة مرتبطة بالضفة، والأخيرة مرتبطة بالقدس المرتبطة بدورها بفلسطينيّي الـ48، وهؤلاء مرتبطون بالجبهة الشمالية، خصوصاً أنّ كل هذا الترابط يجري في ظل الشبكات الاجتماعية.. وهي ظاهرة ستتفاقم أكثر».
في غضون ذلك، اعتبر أنّ «إسرائيل تسيطر بالمطلق على قواعد الحرب في غزة، لكنّ الأمر مختلف بالنسبة للبنان؛ حيث من المتوقّع أن يُمطر حزب الله إسرائيل بآلاف الصواريخ يومياً، ويتسبّب ذلك في سقوط القتلى وأضرار كبيرة».
وصحيح أنّ هذا السيناريو الذي يتوقّعه الجيش عند نشوب حرب مع حزب الله، غير أنّ الأخير، طبقاً للمحلّل الإسرائيلي «يحاول بناء خلايا (داخل كيان العدو)، ليتمكّن من الاستعانة بها وتنشيطها في أثناء الحرب». أما نجاحه في ذلك فمرتبط بالأساس «بمدى جهوزية إسرائيل وردّ فعلها في حالات الطوارئ».
وفي سياق شبيه مرتبط بالانتخابات اللبنانية، ادّعى قائد فرقة الجليل العسكرية في جيش العدو الإسرائيلي، شلومي بيندر، أنّ «حزب الله فَقَدَ الإجماع حوله في لبنان وحتى في أوساط الشيعة»، مستدلّاً بحادثة مقتل الصحافيّ لقمان سليم العام الماضي، ومعتبراً أنّ مَن دافع عن سليم ضد حزب الله كانوا في السابق مؤيّدين له، وباتوا أعداءه بعد مقتل الصحافي اللبناني. وفي ذلك إشارة إلى أنّ قائد فرقة الجليل، المعنية بالساحة اللبنانية بشكل أساسيّ، لا يفقه في هذه الأخيرة وكلّ مجرياتها.
مع ذلك، رأى بيندر في تصريحات نقلتها عنه صحيفة «هآرتس»، اليوم، أنه في ظل الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعصف بلبنان، «يستمر حزب الله في توسيع دائرة التأثير الإيراني… ورغم أنّ إيران تخضع لعقوبات دولية، ومساعداتها لحزب الله تراجعت، فإنها لم تتوقّف. والجندي في الجيش اللبناني يتقاضى راتباً أقل من ناشط في حزب الله، وراتب جنرال لبناني 500 دولار شهرياً، مثل راتب ناشط عادي في حزب الله. والتأثير الإيراني خطير، لأنهم مستعدون اليوم للّعب بالنار مقابلنا».
ورأى أنّ الاستحقاق الانتخابيّ في لبنان الشهر المقبل «لن يغيّر الواقع القائم»، وعزا السبب إلى كون حزب الله «يسيطر على الأحداث ويديرها من خلف الكواليس، فالقرار له في الحلبة السياسية، وسينجح في التوصّل إلى التوازن الذي يسعى إليه». واعتبر أنّ حزب الله «مرتدع»، مستدركاً «لكني كقائد الفرقة العسكرية الذي يعيش الجبهة (الشمالية) هنا يومياً، أفترض طوال الوقت أنه قد تحدث مفاجآت، وأن بإمكان حزب الله القيام بخطوة غير متوقعة. ونحن مستنفرون وقلقون طوال الوقت، وندرك أنّ الواقع قد يقفز من صفر إلى مئة بتسارع».
وكشف بيندر أنه بحوزة جيش العدو الإسرائيلي «معلومات استخباراتية جيدة» عن حزب الله. لكنه أضاف «كضابط في رتبتي، ينبغي أن أفكر بقدرات الجانب الآخر وليس بنواياه. وأنا أرى ما الذي يطوّره، محاولاً أن أسبقه بتطوير خططنا. وفي جميع الأحوال، لا يمكنني أن أسمح لنفسي بإدارة المخاطرة من خلال الافتراض أنه مرتدع استخباراتياً».
ولفت قائد فرقة الجليل إلى أنه طرأ تغيير جوهري في السنوات الأخيرة، ويتمثّل في انتشار قوات «الرضوان» على الحدود اللبنانية الجنوبية، بعد اكتساب هؤلاء خبرة من خلال مشاركتهم في القتال بسوريا. وقال إنّ لدى هذه الفرقة «أدوات لم تكن بحوزتهم في (العدوان الاسرائيلي على لبنان) عام 2006، وفي مقدّمة ذلك خطط وقدرات هجومية ضدنا سواء على مستوى الجبهة الداخلية، أم على التصدي لاجتياح برّي للجيش الإسرائيلي». ولفت إلى أنّ «حزب الله انتقل إلى جيش من حيث تطويره للتشكيلات العسكرية الهجومية الواسعة». ورأى أنّ ذلك ليس بالضرورة «سيء لإسرائيل»، والسبب أنه «حين يتحوّل حزب الله إلى جيش فهو بذلك يجعل له أنماطاً ثابتة ويُنشئ أهدافاً ليهاجمها الجيش الإسرائيلي»، فالجيش، أي جيش، يجب أن يجمع قواته لكي يتحرك، وهو ما يخلق بحسب قائد فرقة الجليل «آثاراً يتعقبها الجيش».
واعترف بيندر أنّ «التهديد المركزي الأكبر على إسرائيل منذ سنوات هو حزب الله»، مشيراً إلى أنّه «نحن نخطّط ونتدرّب ونفكّر في ذلك. وبالمقارنة مع حزب الله، على مستوى الجمع الاستخباري والنيران والاجتياح البرّي، فنحن أقوى». ولفت إلى أنه حين تندلع الحرب سيكون الهدف إنهاءها بتوجيه ضربة شديدة للغاية للحزب، وتقليص ترسانته العسكرية واستهداف قياداته العسكرية ومقاتليه. على أمل أن يؤدّي ذلك إلى ردع لسنوات طويلة». في إشارة إلى أنّ العدو لا يمكنه إنهاء حزب الله.