غير مصنف

التسبيح لله في الأصل هو منهج فعلي كحركة سباحة دائمة

التسبيح لله في الأصل هو منهج فعلي كحركة سباحة دائمة ونظام مرسوم من الله فمن حاد عنه وتلاعب بميزانه خسر وندم وغرق واختنق.

من أهم التسبيح لله  ألا نتخذ إلهاً آخر معه نعبده ولا نشرك به أحداً ولا شيئاً ، ثم :

لا نتخذ الملائكة والأنبياء والأئمة والأولياء والزعماء والقادة أرباباً من دون الله ولا نجعل حكم أحدٍ منهم كحكم الله ، ولا نتخذ المخادعة والمحايلة في عبادته ودينه منهجاً  فقهياً  كفعل أصحاب السبت لان الله لا يُخدع ويعلم السر وأخفى.

فالتسبيح هو ذلك المنهجي الفعلي وقد أشار الله إليه في سورة القلم (نون) حينما قرر بعض الأخوة من أصحاب جنة أن يقطفوا ثمر الموسم ويحرموا المساكين حقهم من زكاة وصدقة ، وأخذوا قراراً لا عودة عنه أن في صباح الغد القادم سيفعلون ذلك خِفيةً قبل أن يراهم أحد من المساكين ، وقد نصحهم أحد أخوتهم وكان أوسطهم وأنصفهم وأعدلهم ديناً وعقيدة ومنهجاً وأخلاقاً فقال لهم : (لَوْلَا تُسَبِّحُونَ) أي فلا تسلكوا منهج التحايّل على الله وعلى المساكين لتأخذوا حقوقهم التي شرّعها الله لهم في قوله  :  وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴿ 19 ﴾.

ولكنهم أبوا ألا أن يسلكوا المنهج الأعوج الغير قويم والذي لا يتوافق مع مسلك نظام وقانون التسبيح لله المستقيم الحميد المُطَمئِنُ للقلب والذي يعلوا بالإنسان فوق مخاطر الحياة فيعوم ويطوف به بسلام فلا يضطرب ولا يغرق ولا يختنق .

ومكروا مكرهم ومكرَ اللهُ بهم تأديباً لمكرهم بالمساكين.. والله خير الماكرين: فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (19) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (20) .

أي أصبحت مقطوعةً ممنوعة لا فائدة منها ولا خير سينالونه من ثمرها بسبب حريق أو شيء آخر قطعها وتلفها  .

فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (26) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (27) قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ (28) قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (29) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ (30) قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ (31).

الشاهد : قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ (28) ألم أقل لكم اسلكوا منهج التسبيح لله في معاملة الإنسان مع الإنسان بلا تحايل ولا مخادعة .. حينها قالوا ندماً وتوبة : سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ. ولكن ماذا ينفع القول بعد الخسران وبعد ترك المنهج الحركي الفعلي التسبيحي لله . إنما هذا القول هو من باب التذكير لأنفسهم والأمل لموسم قادم على نهج التسبيح لله بلا تحايل فقهياً أو فلسفياً أو فعلياً .

وكذلك حدث لرسول الله يونس ولم يجد خلاصاً من بطن الحوت إلا بالتوبة و بالعودة إلى منهج التسبيح وهو عدم اتخاذ قرار مسبق لنفسه قبل حكم الله له وألا يجعل حكمه كحكم الله .

فقال الله لنبيه أن يصبر على حكم الله ولا يتخذ حكما غير حكمه من تلقاء نفسه ولا يتسرع بالحكم :  فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48) لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (49) نون القلم.

وقال عنه  في سورة الصافات : وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (140) فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144).

.

فمن عاش يُسبّحُ اللهَ بالفعل منهجاً وحركةً في نظام التسبيح المحمود الذي خطه الله سنةً من سننه الكونية وشرعاً من شرعه التكليفي فلن يحتاج أن يقول : سبحان الله ندماً ولن تضطرب نفسه غرقاً ويضيق صدره اختناقاً. وسيبقى مسلما سالما منقاداً لحكم ربه منشرح الصدر مطمئن القلب في بحر الحياة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *