صراع الطوائف على الصندوق السيادي
عملياً، تتصارع الكتل النيابية على الإمساك بالصندوق السيادي الذي يفترض إنشاؤه لعزل إيرادات الأرباح النفطية عندما تتحقق، عن قناة الإنفاق العام التقليدية. الصراع يتّخذ طابعاً طائفياً مبطناً، إذ إن هناك ثلاثة اقتراحات كلّ منها يحاول أن يحتفظ بنصيب أكبر من النفوذ في الصندوق المرتقب. وهذه الكتل تمثّل طوائفها في هذا الصراع بشكل واضح، فهناك كتلة تريد لرئيس الجمهورية دوراً أساسياً فيه، وهناك كتلة تريد لوزير المال الدور نفسه
وصل الصندوق السيادي اللبناني إلى طاولة نقاش لجنة المال والموازنة النيابية أمس. إذ بات إنشاؤه ضرورياً، بالتزامن مع اقتراب بدء التنقيب عن النفط والغاز في الأراضي اللبنانية. لهذا الغرض، بحثت اللجنة ثلاثة اقتراحات قوانين لتنظيم هذا الصندوق أعدّها ثلاثة نواب بين 2017 و2019، وهم: سيزار أبي خليل وتيمور جنبلاط وعلي حسن خليل. القوانين الثلاثة تشير بوضوح إلى أوجه الصراع المقبل بين الكتل النيابية، والتي يمكن اختصارها بمسألتين: مَنْ يدير الصندوق؟ كيف تستخدم عائداته؟
اقتراح أبي خليل يفترض إنشاء مجلس للصندوق يشرف على إدارته ويترأس جلساته رئيس الجمهورية، ويكون فيه رئيس الحكومة رئيساً تنفيذياً على أن يضمّ ضمن أعضائه وزراء المال والطاقة والاقتصاد وحاكم مصرف لبنان، إضافة إلى عضوين لا يتمتعان بحقّ التصويت: المدير العام للقصر الجمهوري، والأمين العام لمجلس الوزراء. كذلك ينصّ الاقتراح على أن تُكلّف وزارة المال بإنشاء وحدة مختصّة لتولّي متابعة أعمال الصندوق. وإذ ترك أبي خليل طرق استثمار العائدات للمجلس، حدّد لها هدفاً يركّز على تحقيق أعلى عائد مالي، وعدم تعريض الاستثمار للمخاطر، وعدم استخدام نسبة تفوق 3% من حقوق التصويت في مؤسّسة أو شركة أو كيان آخر.
أما اقتراحا جنبلاط وحسن خليل، فيضعان إدارة الصندوق تحت وصاية وزارة المال. يقترح الأول إنشاء مؤسّسة عامة ذات طابع خاص تدعى الصندوق السيادي اللبناني وتخضع لوصاية المالية. ويتولى إدارة الصندوق مجلس إدارة من 4 أعضاء منتخبين من النواب و2 معينين من الحكومة. على أن يخضع موقع الرئاسة للمداورة بين الأعضاء بشكل سنوي. وينصّ اقتراحهما على أن يتألف الصندوق من 3 محافظ؛ واحدة للادخار وأخرى للاستثمار الخارجي، وثالثة للتنمية الداخلية، وعلى أن توزّع استثماراته بنسبة لا تقل عن 50% للاستثمارات الخارجية والنسب نفسها للداخلية. لكن حسن خليل، يذهب أبعد في منح السلطة المطلقة لوزير المال، إذ يرتبط الصندوق مباشرة به ويمارس سلطة الوصاية عليه، ويحدد نسبة الاستثمار الخارجية بـ80% والداخلية بـ20%.
خلال الجلسة، تمحور النقاش حول مضمون القوانين والأسباب الموجبة لإنشاء الصندوق. ولأن هناك ارتياباً مسبقاً من الصناديق التي اعتاد اللبنانيون أن تكون مزاريب هدر المال العام في الدولة، شدّد رئيس اللجنة النائب إبراهيم كنعان على ضرورة تصميم الصندوق السيادي بشكل علمي وعالمي، من أجل حُسن إدارة وارداته المالية التي يفترض أن يستخدم جزء منها للإنماء الاقتصادي.
صراع الطوائف على الصندوق السيادي
عملياً، تتصارع الكتل النيابية على الإمساك بالصندوق السيادي الذي يفترض إنشاؤه لعزل إيرادات الأرباح النفطية عندما تتحقق، عن قناة الإنفاق العام التقليدية. الصراع يتّخذ طابعاً طائفياً مبطناً، إذ إن هناك ثلاثة اقتراحات كلّ منها يحاول أن يحتفظ بنصيب أكبر من النفوذ في الصندوق المرتقب. وهذه الكتل تمثّل طوائفها في هذا الصراع بشكل واضح، فهناك كتلة تريد لرئيس الجمهورية دوراً أساسياً فيه، وهناك كتلة تريد لوزير المال الدور نفسه
وصل الصندوق السيادي اللبناني إلى طاولة نقاش لجنة المال والموازنة النيابية أمس. إذ بات إنشاؤه ضرورياً، بالتزامن مع اقتراب بدء التنقيب عن النفط والغاز في الأراضي اللبنانية. لهذا الغرض، بحثت اللجنة ثلاثة اقتراحات قوانين لتنظيم هذا الصندوق أعدّها ثلاثة نواب بين 2017 و2019، وهم: سيزار أبي خليل وتيمور جنبلاط وعلي حسن خليل. القوانين الثلاثة تشير بوضوح إلى أوجه الصراع المقبل بين الكتل النيابية، والتي يمكن اختصارها بمسألتين: مَنْ يدير الصندوق؟ كيف تستخدم عائداته؟
اقتراح أبي خليل يفترض إنشاء مجلس للصندوق يشرف على إدارته ويترأس جلساته رئيس الجمهورية، ويكون فيه رئيس الحكومة رئيساً تنفيذياً على أن يضمّ ضمن أعضائه وزراء المال والطاقة والاقتصاد وحاكم مصرف لبنان، إضافة إلى عضوين لا يتمتعان بحقّ التصويت: المدير العام للقصر الجمهوري، والأمين العام لمجلس الوزراء. كذلك ينصّ الاقتراح على أن تُكلّف وزارة المال بإنشاء وحدة مختصّة لتولّي متابعة أعمال الصندوق. وإذ ترك أبي خليل طرق استثمار العائدات للمجلس، حدّد لها هدفاً يركّز على تحقيق أعلى عائد مالي، وعدم تعريض الاستثمار للمخاطر، وعدم استخدام نسبة تفوق 3% من حقوق التصويت في مؤسّسة أو شركة أو كيان آخر.
أما اقتراحا جنبلاط وحسن خليل، فيضعان إدارة الصندوق تحت وصاية وزارة المال. يقترح الأول إنشاء مؤسّسة عامة ذات طابع خاص تدعى الصندوق السيادي اللبناني وتخضع لوصاية المالية. ويتولى إدارة الصندوق مجلس إدارة من 4 أعضاء منتخبين من النواب و2 معينين من الحكومة. على أن يخضع موقع الرئاسة للمداورة بين الأعضاء بشكل سنوي. وينصّ اقتراحهما على أن يتألف الصندوق من 3 محافظ؛ واحدة للادخار وأخرى للاستثمار الخارجي، وثالثة للتنمية الداخلية، وعلى أن توزّع استثماراته بنسبة لا تقل عن 50% للاستثمارات الخارجية والنسب نفسها للداخلية. لكن حسن خليل، يذهب أبعد في منح السلطة المطلقة لوزير المال، إذ يرتبط الصندوق مباشرة به ويمارس سلطة الوصاية عليه، ويحدد نسبة الاستثمار الخارجية بـ80% والداخلية بـ20%.
خلال الجلسة، تمحور النقاش حول مضمون القوانين والأسباب الموجبة لإنشاء الصندوق. ولأن هناك ارتياباً مسبقاً من الصناديق التي اعتاد اللبنانيون أن تكون مزاريب هدر المال العام في الدولة، شدّد رئيس اللجنة النائب إبراهيم كنعان على ضرورة تصميم الصندوق السيادي بشكل علمي وعالمي، من أجل حُسن إدارة وارداته المالية التي يفترض أن يستخدم جزء منها للإنماء الاقتصادي.
وتوافق النواب الحاضرون، إضافة إلى وزيريّ المال والاقتصاد، على أنه لا ضرر من استفادة لبنان من موارده البترولية لتسريع الحلول بعد انهيار الاقتصاد بشرطين: ادخار النسبة الأكبر من الواردات المالية، وأن يكون الإنفاق الجزئي مشروطاً بسلوك اقتصادي حكيم ضمن مجالات منتجة، وفي إطفاء جزء من الدين بشرط تحقّق فائض أولي في الموازنة العامة كي لا تُهدر الأموال وتُعاد الأخطاء نفسها.
وجرت مناقشة أسس الحوكمة مع التركيز على ضمان استقلالية الصندوق عن السياسات المالية والنقدية وعن الموازنة وأن يتماشى مع مبادئ سنتياغو العالمية التي أرساها صندوق النقد الدولي. وأبدى النواب تأكيداً على انضمام الصندوق السيادي اللبناني بشكل طبيعي للعضوية بصندوق النقد.
على مقلب آخر، تخوّف بعض النواب من تبديد أموال الموارد البترولية في السنوات الأولى على رواتب مجلس الإدارة والموظفين والتجهيزات المكتبية، علماً بأنها ليست مبالغ زهيدة. وبالتالي يكون الصندوق لزوم ما لا يلزم. لهذا السبب، اقترح أبي خليل فتح حساب لهذه العائدات في مصرف لبنان يكون ملكاً للدولة اللبنانية. وعند تضاعف المبلغ وازدياده، يتم توسيع الصندوق ومجلسه مع تحويل الثروة الطبيعية النابضة إلى ثروة مالية متجدّدة تخدم الأجيال الحالية والمستقبلية. هنا ثمّة اختلاف في وجهات النظر حول كيفية استخدام العائدات وآليتها، بين من يرى ضرورة استخدامها للخروج من الأزمة وتسديد الديون، وبين من يريد حفظها للأجيال المقبلة وعدم المساس بها تحت مبدأ محاسبة المتسببين بالانهيار لاسترجاع الأموال وإنهاض البلد؛ وعدم تبديد الثروة التي لم تستخرج بعد لتسديد ما سرقته السلطة وحاشيتها. على أن الأزمة الحقيقية تكمن في أن هذه السلطة نفسها التي تسببت بكل مآسي الشعب واختلست المال العام والخاص، تتصارع اليوم لإدارة مال جديد يفترض أن يشكل حبل الخلاص للأجيال المقبلة.