تقرير كلاريسا وارد على CNN: طابخ السمّ آكله!
بعدما أثارت قناة CNN الأميركية الانتقادات في الأيّام القليلة الماضية بسبب نشرها تقريراً ملفّقاً ادّعت فيه عثورها على سجين سوريّ «منسيّ» بعد أيّام من سقوط النظام (الأخبار 14/12/2024)، اعترفت القناة بعدم صحّة التقرير، وإن بطريقة غير مباشرة. فقد كشفت منصّة «تأكّد» التي تربطها علاقات بالحكومة الأميركية أنّ السجين الذي ظهر في التقرير مسؤول مخابرات سوريّ سابق برتبة متدنّية، كان مسجوناً بتهم فساد وسوء معاملة. على الإثر، أعلنت الشبكة الأميركية يوم الأحد الماضي أنّها ستحقّق في موضوع التقرير الذي أعدّته مراسلتها كلاريسا وارد. ومع ذلك، أشار موقع «ذا غرايزون» الاستقصائي الأميركي إلى أنّ الشبكة تستمرّ في حماية المراسلة المسؤولة عن الفضيحة الصحافية، كما تعيد بثّ التقرير المسرحي الذي عرضته يوميّاً.
وأوردت منصّة «تأكّد» في تقرير لها أنّ فريقها بحث في السجلّات العامّة عن اسم «عادل غربال» (اسم السجين المزعوم في تقرير CNN) للتحقق من ظروف اعتقاله ومدّته، من دون الوصول إلى نتيجة. وكشفت المنصّة أنّ اسمه الحقيقي سلامة محمّد سلامة، معروف بلقب «أبو حمزة»، وهو ملازم أول في المخابرات الجويّة السورية. وأورد التقرير إنّ أبو حمزة اشتهر بأنشطته في حمص، وقد تعرّف عليه سكّان حيّ البيّاضة، إذ كان يتمركز بشكل متكرّر عند نقطة تفتيش قالوا إنّها مشهورة بانتهاكاتها. كما أورد أنّه سُجن قبل أقلّ من شهر بسبب بتهمة فساد مالي. وإلى جانب المئات من الناشطين على التواصل الاجتماعي، أشارت «تأكّد» أيضاً إلى أنّ التسلسل الزمني الذي اعتمدته شبكة CNN يتحدّى ببساطة التصديق. فكانت معدّة التقرير قد قالت إنّ السجين المزعوم بقي منسيّاً لأيّام من دون طعام أو مياه، فيما خرج وهو بكامل صحّته وأناقته ولحيته محلوقة. كما ذكر التقرير أنّه لم ير الضوء منذ أشهر، فيما لم تُظهر عيناه أيّ ردّة فعل عند خروجه إلى الضوء، بالإضافة إلى عدم انفعاله عند إطلاق النار المزعوم على باب زنزانته، وعدم معقولية عدم سماعه صوتاً خلال تحرير المساجين الآخرين ولا ترك بابه مقفلاً فيما كان البحث عن المساجين يصل حدّ الحفر بالأرض.
ونقل «ذا غرايزون» عن المحلّل الجيوسياسي أرنو برتراند أنّه «لا يمكن لمعظم البشر البقاء على قيد الحياة من دون ماء لمدّة 4-5 أيّام، خصوصاً إذا كانوا من دون طعام أيضاً وفي ظروف سجن مرهقة. على أقلّ تقدير، سيصابون بجفاف شديد وتشقّق في الشفاه والفم، وغور شديد في العينين، وبشرة رمادية اللون شديدة الشحوب، ولن يكونوا قادرين على التحدّث بشكل متماسك». كما أشارت «ذا غرايزون» إلى دراسة من العام 2022 لمجلّة Science توصّلت إلى أنّه «يمكن للبشر البقاء على قيد الحياة لمدّة 3 أيّام فقط من دون استهلاك الماء». كما لفت منشور الانتباه إلى «الأظافر المشذّبة لرجل كان في زنزانة سورية من دون ضوء لمدّة 3 أشهر حتى أنقذته شبكة CNN».
وإضافة إلى الناشطين ومنصّة «تأكّد»، شكّك سجناء سوريّون سابقون بالتقرير، إذ علّق أحدهم قائلاً: «اعتُقلت مرّتَين في سوريا، أعتقد أنّ الأمر (التقرير) مدبّر. على CNN أن تحقّق في الأمر، ويسعدني أن يثبت خطئي». وأشار آخر ـــ بحسب «ذا غرايزون» ـــ إلى أنّ التقرير أساء إلى أولئك الذين سُجنوا بالفعل: «فبركت الصحافية كلاريسا وارد من قناة CNN مشهداً يُظهر سجيناً في السجون السورية المعروفة بوحشيّتها، وهذا أمر مهين واستغلالي للمعتقلين السوريّين. وبصفتي معتقلاً سوريّاً سابقاً، أدعو إلى مقاطعتها وفضح أفعالها». الفضيحة أعادت إظهار خطايا كلاريسا وارد السابقة إلى العلن، فلطالما اشتهرت الصحافية بتمثيلها المزيّف في تقاريرها. إذ كانت أثارت السخرية منذ أكثر من عام بعد تصوير نفسها وهي منبطحة في أحد شوارع فلسطين المحتلّة، مدّعيةً إطلاق المقاومة الفلسطينية صواريخ فيما لم تُرصد أيّ صواريخ في ذاك اليوم. كما ظهرت إلى العلن مجدّداً قبل سنة تقريباً مع المقطع الشهير الذي انتشر للناشطة المصرية رحمة زين وهي توبّخ وارد وقناتها بسبب التغطية المنحازة لحرب الإبادة على غزّة. وسبق لوارد أن فازت بجائزة بعد تصويرها تقريراً في إدلب عام 2017 بمساعدة الأميركي العضو في فرع سوريا من تنظيم «القاعدة» بلال عبد الكريم، الذي استنفر على تويتر في حينه بسبب قيامه بتصوير التقرير من دون أن يُعطى حقّه، كما قال.